موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

لا تدعني أخسرك

أمل جمال النيلي /////

رفع خالد الدلو وسكبه علي رأسه ، محاولا تجديد نشاطهم ، وبدأ تنثر بعض المياه عليهم .

خالد :

ـ مياه البئر عذبه .

ليلي :

ـ أنا لا أفهم أي شيء مما يحدث .

سألتها وهي تجثو علي ركبتها بجانبه تملأ زجاجتها بالمياه :

ـ بالنسبة لأي شيء .

ليلي :

ـ نحن نمشي دون توقف منذ ساعة .. ألم تقرري أي الاتجاهات سنسلكها حتى نتجنب الطرق الخطرة .

نظرت إليها وهي لا تبلل عنقها بالمياه لترطب بشرتها ، فأشعة الشمس متوهجه ، تعكس الرمال حرارتها .

ـ أحاول جمع أفكاري .. فعندما أكون في مكان مجهول .. فأنت لا تتأكد من الاتجاه في كل لحظة .

نظرت ليلي حولها ، الرمال الذهبية تحيط بهم ، فراغ لا صوت سوي سفير الرياح .

ـ بالنسبة لك ِ هذا المنظر رائع .. تهوي العزلة والابتعاد عن الناس .. عندما تركنا أصدقاءنا خفت نفقد طريق العودة ..

قطع خالد كلامها :

ـ بما أنك كنت تعرفي .. لما جئت ِ ؟!!!

ـ قررت المغامرة مرة في حياتي .

ـ إذا فالمغامرة هي البحث عن المجهول .. وهذا ما نفعله .

فقالت ليلي وعيناها جامدة :

ـ وكيف تعرفين أنك لا تسلك ِ طريق اللاعودة ؟.

ابتسمت قائلة :

ـ كنت أظن أننا سنجد واحة في الطريق .. وهناك سنعرف الطريق .

ـ ماذا ؟.. أنت تسيري بلا خريطة .. ولا تعرف ِ الطريق .. تسير عشوائيا ً .

ابتسم خالد وهو جالس علي حافة البئر قائلا :

ـ لما أنت ِ خائفة .. لا تقلقي أن تأخرنا سيبحثوا عنا .

ـ غير مصدقة .. أعصابكم باردة .

سألتها نوال وهي تخرج من حقيبتها كيسا ً من البطاطس المقرمشة :

ـ هل تريد أن تأكل ِ بطاطس ؟ .. أعرف أنك تحبيه .

حاولت آلا ترتعب أكثر ، تقدمت وأخذت تتناول البطاطس لعلها تهدئ قليلا ً .

فسألها خالد :

ـ آلا تخاف من ضياعنا .

ـ لا أخاف .

فتعجبت ليلي بهدوءها :

ـ كيف تعرف ِ أننا نسير في الطريق الصحيح .

ـ احساسي يخبرني أننا في الطريق الصحيح .. هيا لنكمل الطريق .

ـ لما جئت معكم .. أنتم مجانين .. تريدوا خوض مغامرة بعيدا عن الأصدقاء والأهل .

فقال خالد :

ـ لا يهم الضياع .. المهم أعز أصدقائي مع .

فردت ليلي :

ـ لن تدوم هذه الصداقة .. في المستقبل كلا منكم سيرتبط .. وقتها لن يقبل الطرف الآخر هذه الصداقة .. المجتمع لم يتقبلها بعد هو سيتقبلها .

فقال خالد :

ـ أعرف الأمر مستحيل .. فعالمنا الرقي لا يتقبل الصداقة بين شاب وفتاة .. لكن الزمن اتغير .

ليلي :

ـ صداقة مستحيل دائما ما تتخطي العلاقة الصداقة .. تتحول كثيرا لحب .

نوال :

ـ نحن أصدقاء منذ زمن ولم يحدث جديد .. صداقة فقط .

ليلي :

ـ لكن لو ارتبطت بفتاة وطلبت منك فسخ صداقتك بنا .. وقتها أيهما تختار .

ـ لا أعرف .. ولم أفكر .

ـ وأنت نوال .

ـ صداقتنا بالنسبة لي أمر لا يقبل النقاش فيه .

ـ لكن لو عشقي شاب ورفض صداقتكم .. وقتها ستخسري حبيبك أم صديقك ؟.

ـ وقتها لن يكون حبيبي .. الحبيب هو من يقبل حبيبه كما هو .. لا يغيره .. حبيبي ممكن يتركني في أصعب أوقاتي .. لكن صديقي فبلا .

ـ مجرد كلام علي البر .. لم تذوقي لوعة الحب بعد .. وقتها لن تقدري علي فراقه لحظة .

ـ سواء علي البر أو فيي العمق .. رأي موحد .. الصداقة مقدسه عندي لا اسمح لأحد التكلم فيها .. وأنت من تختاري .

ـ حبيبي .. أولا ً مجتمعنا يرفض هذه الصداقة .. ثانيا العشق له مذاق يستحيل التخلي عنه .. من ذاق حلاوته .. لا يستهوي مرارته .

حبيبي سيقبلني بكل عيوبي وليس صديقي .. فالصديق دائما لا يري من صديقه إلا عيوبه .. دائما ً بينهم تنافس وغيره .. أما الحبيب فبلا .

نوال :

ـ هذا منظورك للصديقة .. إلا تري في سوي العيوب .

ـ أنا لم أقصدك .

قطعها خالد :

ـ أنت مخطئه .. الحبيب غيرته تقتل أكثر ما تحي .. أما غيرة الصديق تنفع أكثر ما تضر .. تدفعه لأمام .

ليلي :

ـ لكن أحيانا تدمره .. تكسره وتجفف أوراقه .. تغمره بالدموع .. وتدفعه للجنون .

نوال :

ـ صعب المقارنة .. أنا اخترت الصديق .. وسيأتي الوقت وتتغير فكرتنا ونصدق أن للصداقة قوة وسحر التخلي عنها .. سواء بين شاب وفتاة .. أو العكس .

خالد :

ـ وأنا معك .. اتفقنا أم لا .. لن اتخل عن فكري .

ليلي :

ـ أما أنا لن اتخل عن فكرة الحبيب يكسب .

تفقوا عن الكلام ، استسلموا لليأس والتعب ، الطرق متشابه ، والرمال تحيط بهم ، لا جديد سوي همس الرياح ، ونسيم الهواء الخفيف يرطب أجسادهم الغارقة في عرقهم .

أهلكهم الكلام وطول الطريق ، سقطوا علي الرمال الحارة ، تاركين لأجسادهم العنان لترتاح ، مستسلمين للنوم ، كلا يفكر أيهما يتخلي صديقه أم حبيبه .

ـ حسنا ً أراك غدا .ً
فقالت سمر :
ـ ما رد فعل والدك ؟.
ـ يبدو عليه الرضا .
فقالت روجينا :
ـ هذه بشري سارة .. الرضا أول علامات القبول .
ـ يا رب يوافق ولا يرفض .
فقالت ليلي :
ـ سيوافق بدون شك .. والدك لن يرفضه بسبب أمواله .. آلا تذكري رفضه لزميلك بسبب فقره .. رغم شدة ذكاءه وأخلاقه العالية .. المال ثم المال .. لا الحب والإعجاب .
ـ لا أعرف ما أقول .. كلامك صحيح .. الحب عنده ليس مهم .. المهم كم يكسب في الدقيقة .. لا ينظر للغد .. ينظر تحت قدمه فقط .. الوقت حان كي ننزل وسأخبركم بالجديد .
ـ تصبحي علي حب .
هكذا نزل كلاً منا لشقته ، دخلت لأجد أبي بانتظاري في الصالة ، وجهه مشرق مبتسم ، يحمل بين يده ساعة ذهبية جديدة .
ـ لمن هذه أبي ؟ .. مؤكد لأمي .
ـ لا لك ِ .
ـ بأي مناسبة .
لدي مناسبة رائعة .. بمناسبة خطوبتك .
ـ خطوبتي .. علي من ؟.
ـ علي المهندس وسام .. مديرك وصاحب الشركة .
ـ متى تقدم لخطبتي ؟ .. وكيف وافقت دون أخذ رأي ؟ .. أليس هذا زواج .. ليس لعبة تشترها من المتجر ونرميها بمجرد الانتهاء منها .
ـ عندك حق ولكني وجدته مناسب .. شاب وسيم .. ثري .. متعلم .. حاصل علي الدكتوراه في الهندسة .. وأري بينكم مودة .. فما المانع إذا ؟. 
ـ حسنا ً أبي لك ما تريد .
ـ سأخبره بموافقتك غدا ً .
لا أعرف لما وافقته بهذه السهولة ، ولكني أحببته لذا وافقته دون جدلا ً ، اتصل أبي وأخبره بموافقتي ، وصف لي أبي صيحة وضحكاته ، كان كالمجنون ، حبه جمل عالمي ، ملأه شوق وحنان وأمل في المستقبل .

     

 

أمل جمال النيلي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.