موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

الرقم القياسي الذي دفعه سان جيرمان لضم نيمار سيعيش طويلاً-وكالة ذي قار


الصفقة أبرمت قبل أن يضرب «كورونا» العالم ويقلب كل الموازين رأساً على عقب

حتى في عام 2017. كان المقابل المادي الذي دفعه باريس سان جيرمان لبرشلونة من أجل ضم اللاعب البرازيلي نيمار استثنائيا، حيث دفع النادي الباريسي 198 مليون جنيه إسترليني (نحو 222 مليون يورو)، وهو المبلغ الذي كان يتجاوز الرقم القياسي السابق لأغلى لاعب في العالم بنسبة 125 في المائة، والذي كان مسجلا في العام السابق عندما ضم مانشستر يونايتد لاعب خط الوسط الفرنسي بول بوغبا من يوفنتوس الإيطالي.

ولم يكن يتم كسر الأرقام القياسية لأغلى الصفقات بهذه النسبة الكبيرة في الحالات والظروف العادية. ولم تكن هذه الصفقة تهدف إلى ضم نيمار فحسب، لكنها كانت بمثابة تأكيد على القوة المالية لباريس سان جيرمان، وتسليط الضوء على النادي الفرنسي كناد عملاق يقتحم سوق انتقالات اللاعبين عند مستوى لا يمكن منافسته فيه سوى أغنى أندية العالم فقط. لكن عالم كرة القدم تغير تماما بعد مرور ثلاث سنوات على هذه الصفقة، وتعليق نشاط كرة القدم في جميع أنحاء العالم بسبب تفشي فيروس كورونا وبحث الدوريات الكبرى عن أي طريقة لاستئناف المباريات من أجل إنقاذ الأندية من الصعوبات المالية التي تواجهها.

وحتى الأندية المدعومة من صناديق الثروة السيادية ستجد أنفسها مقيدة بسبب قيود اللعب المالي النظيف التي أقرها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا). وتشير الدلائل إلى أنه سيتم تخفيف تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف لمدة عام أو عامين حتى لا يتم عقاب الأندية التي وجدت نفسها تعاني فجأة، وبدون أي خطأ منها، من انخفاض الإيرادات المالية بسبب توقف النشاط الرياضي، لكن الشيء المؤكد هو أنه لا توجد رغبة في السماح للأندية بأن تنفق كما تشاء.

وقبل صفقة انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان، كانت الصفقات القياسية لأغلى لاعب في العالم قد تضاعفت مرتين فقط. ففي عام 1903. أنفق نادي سمول هيث (برمنغهام سيتي الآن) 500 جنيه إسترليني لضم مهاجم بارنسلي، بيني غرين، لتكون هذه الصفقة أغلى بخمس مرات من الرقم القياسي لأغلى لاعب في العالم، والذي كان مسجلا قبل عقد كامل من الزمان عندما كسر أستون فيلا حاجز المائة جنيه إسترليني ليضم المهاجم الأسكتلندي ويلي غروفز من وست بروميتش ألبيون. وفي عام 1932. تعاقد ريفر بليت الأرجنتيني مع المهاجم برنابي فيريرا من نادي تايغر مقابل 23 ألف جنيه إسترليني، ليكسر بذلك الرقم القياسي الذي كان مسجلا قبل أربع سنوات عندما ضم آرسنال المهاجم ديفيد جاك من بولتون واندررز مقابل 10890 جنيها إسترلينياً، ليخرج الرقم القياسي لأغلى لاعب في العالم من إنجلترا للمرة الأولى. وصمدت صفقة غرين كأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم لمدة تسعة أشهر فقط، لكن الرقم القياسي المسجل باسم فيريرا ظل صامدا لمدة 17 عاماً. وأعتقد أن الصفقة القياسية لنيمار قد تصمد لفترة أطول من ذلك!

وكانت صفقة فيريرا مختلفة لعدد من الأسباب، حيث كانت كرة القدم الأرجنتينية تمر بفترة من النمو السريع، وساعد على ذلك ظهور البث الإذاعي الذي جعل المباريات تنقل عبر الأثير من بوينس آيرس إلى أدغال توكومان في الشمال وإلى سفوح جبال الأنديز في الغرب وإلى تيرا ديل فويغو في الجنوب، وهو الأمر الذي ساعد على توحيد البلاد خلف شيء واحد وهو متعة وإثارة كرة القدم.

وكانت الأرجنتين قد وصلت إلى المباراة النهائية لدورة الألعاب الأولمبية في عام 1928 وكأس العالم في عام 1930. وخسرت في المرتين أمام جارتها أوروغواي، وهو الأمر الذي أشغل رغبة الأرجنتينيين في تحقيق النجاح. وتحول الدوري الأرجنتيني من دوري للهواة إلى دوري للمحترفين في عام 1931. وهو الأمر الذي خلق موجة جديدة من الاهتمام وأدى إلى زيادة هائلة في اشتراكات العضوية في أكبر الأندية في البلاد.

ورغم أن الانقلاب ضد الرئيس الأرجنتيني هيبوليتو يريغوين في عام 1930 قد أشعل سنوات من ا لفساد والقمع والتدهور الاقتصادي، بالشكل الذي أدى في نهاية المطاف إلى استيلاء خوان بيرون على السلطة في عام 1943. إلا أن صفقة فيريرا قد عُقدت في وقت لم تكن فيه تداعيات الكساد الكبير قد ظهرت على البلاد بعد. وقد حقق فيريرا نجاحا مذهلا، وكان مشهورا بتسديداته الصاروخية، وبسجله التهديفي المذهل، حيث وصل معدله التهديفي إلى هدف في كل مباراة على مدار ثمانية مواسم كاملة. لكن مع حدوث الانكماش الاقتصادي على المستوى العالمي، خاصة في المناطق الصناعية التي ازدهرت فيها كرة القدم في السابق، لم يستطع أي ناد من كسر الرقم القياسي المسجل باسم فيريرا كأغلى لاعب في العالم.

لكن بدأت الأرقام القياسية لأغلى اللاعبين في العالم تُكسر، بعد الزيادة الكبيرة في أعداد الحضور الجماهيري في الملاعب الإنجليزية بعد الحرب العالمية الثانية، ثم الاستثمار في الأندية الإيطالية من قبل رجال الصناعة المحليين، حيث انتقل المهاجم جوني موريس، بعد دخوله في خلافات مع المدرب مات بيسبي، من مانشستر يونايتد إلى ديربي كاونتي مقابل 24 ألف جنيه إسترليني في عام 1949. لكن هذا الرقم القياسي قد كسر أربع مرات أخرى في السنوات الثلاث التالية.

وهناك تشابه كبير في صفقتي فيريرا ونيمار، حيث كان كل من ريفير بليت وباريس سان جيرمان يعلمان جيدا أن هاتين الصفقتين ستكونان بمثابة إعلان عن قوة النادي من الناحية المالية. لكن ما هو الموقف الحالي للأندية ولصفقات انتقال اللاعبين في ظل الأزمة الحالية؟ وقال إد وودوارد، نائب الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد، مؤخرا: «يبدو من غير المناسب إلى حد ما أن نرى تكهنات بشأن إبرام صفقات بمئات الملايين في ظل الظروف الحالية. فهناك انفصال كبير بين تلك القصص وبين الحقائق الاقتصادية التي تواجه أندية كرة القدم بشكل عام».

ومن المؤكد أن إيرادات الأندية سوف تنخفض، وقد لا نرى الملاعب تمتلئ بالجماهير مرة أخرى قبل عدة أشهر من الآن. لقد بلغت إيرادات مانشستر يونايتد من مبيعات تذاكر المباريات والمبيعات الأخرى خلال المباريات التي كان يستضيفها ملعب «أولد ترافورد» الموسم الماضي 110 ملايين جنيه إسترليني؛ ومن المؤكد أنه لا يمكن للنادي تعويض هذا المبلغ الكبير بسهولة.

ويبدو من المرجح أنه سيكون هناك ركود اقتصادي كبير، كما ستنخفض عائدات حقوق الرعاية والإعلانات والأنشطة التجارية. وعلاوة على ذلك، سيكون هناك انخفاض في الاشتراكات في القنوات التلفزيونية، وكذلك في الإعلانات، وهو الأمر الذي سيجعل هذه القنوات تقلل الأموال التي تدفعها للأندية مقابل نقل المباريات. في الحقيقة، لا يمكن لأي شخص أن يتنبأ بتأثير الأزمة الحالية على السفر، وهو ما قد يؤثر أيضا على العائدات المالية التي كانت تحققها الأندية من الجولات الخارجية والبطولات الدولية. ويمكن القول إن هذه هي أكبر ضربة مالية لكرة القدم منذ الثلاثينيات من القرن الماضي.

وفي نفس الوقت، استغنت بعض الأندية عن عدد من العاملين لديها لعدم قدرتها على دفع رواتبهم، كما طلبت من اللاعبين تأجيل الحصول على رواتبهم أو تخفيض أجورهم. وفي ظل هذا الركود الشديد، كيف يمكن لأي نادٍ أن يبرر إنفاق 200 مليون جنيه إسترليني على لاعب في وقت نعاني فيه من البطالة والفقر الجماعي؟

وقد يكون البديل لذلك هو انقضاض الأندية الكبرى، التي تمتلك القدرات المالية التي تمكنها من تجاوز الأزمة الحالية، على لاعبي الأندية الصغرى والتعاقد معهم. وفي كلتا الحالتين، من المرجح أن يستمر الرقم القياسي المسجل باسم نيمار كأغلى لاعب في العالم صامدا لسنوات طويلة، كما حدث مع فيريرا، لأن هذه الصفقة قد أبرمت في وقت كانت تعتقد فيه الأندية أنها ستكون قادرة إلى الأبد على تحقيق إيرادات مالية كبيرة، قبل أن يضرب فيروس كورونا العالم ويقلب كل الموازين رأسا على عقب!





Source link

التعليقات مغلقة.