موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

الديمقراطية خارج صناديق الاقتراع

………………………………… بقلم الصحفي علي عبد الكريم

توجه المواطن العراقي الى صناديق الاقتراع من اجل انتخاب اعضاء البرلمان العراقي للدورة الحالية  لعام 2018, وما يثير الاهتمام في كل مرحلة انتخابية يمر بها الشعب العراقي هو التساؤل التالي ( على من يقع الاختيار في هذه الدورة؟ ) سواء الحزب او القائمة او الشخص المنتخب , وهذا الاختيار يكون خاضعا الى عدة مؤثرات خارجية وأخرى داخلية تسري في خلجات النفوس,

اما بالنسبة للمؤثرات الخارجية فمنها الاجتماعي العرفي والأخر الديني وكذلك ما تقتضيه المصلحة الشخصية والمصلحة العامة على مستوى المجموعة او العائلة او مصلحة العشيرة.

واما ما يجري من صراع داخل النفس فهو محاولة الشخص للوصول الى حل يمكن وصفه بالإيجابي وان لا يعيد اخطاء الماضي وان يصيب الواقع الصحيح وان يريح ضميره او يتحمل مسؤولية الترشيح الجديد من خلال اختياره ,

مما يجدر بنا الإشارة اليه هو ان ما ذكرناه ينطوي تحت شعار القناعة فمن المستحيل ان يخطو الانسان باي خطوة دون قناعة وفي موضوعنا هذا قد تتكون عدة قناعات لدى المواطن المقترع وربما قناعة واحدة تكفيه للمشاركة.

الانتخابات مشاركة ديمقراطية بحد ذاتها ولكنها قد تؤدي الى نظام فوضوي وربما دكتاتورية حزبية او طائفية او مذهبية او عرقية وان مجرد التصور ان الديمقراطية محصورة فقط بعملية الاقتراع فهو تصور ضيق جدا ممكن ان يتم التخلي عنه بكل سهولة , اما التصور القائل بان مسؤولية الفرد لا تتحدد فقط بالاقتراع انما بما يترتب عليه من اختيار فبالتالي هي مسؤولية ممتدة بمقدار ربما يصل الى الانتخابات القادمة . وهنا ترد عدة أسئلة اذكر منها ,

هل خيار المواطن يلزمه بكل ما  يترتب من اثار كانحراف المرشح وسوء استخدامه للسلطة وحتى اجرامه ؟

هل المواطن في عملية اختياره أيا كانت قناعاته مشارك مع الحزب او القائمة او المرشح في إنجازاته في الحكومة ؟

اذا كان المواطن يشارك ويُلزَم باختياره بامتداد فترة الحكومة التي ستشكل وتعمل طيلة اربع سنوات اذا فان مسؤولية اقتراعه مصيرية وليست متحددة بساعة الاقتراع فقط .

فهل سيحق لهذا المواطن الاعتراض مستقبلا على مرشحيه فيما لو تقاطعت رؤاهما ؟

هل يحق للمواطن التدخل بعمل المرشح الحكومي ؟ علما ان الانتخاب هو عملية توكيل رسمي يعطيه المواطن للمرشح لكي يدير الحكومة ويتابع مصالحه فيها ويمثله في كل تفاصيلها .

هل يجد المواطن حلا غير  الاختيار بعشوائية وهو يعرف كل ما ذكرناه من مسؤولية اختياره ام يكون على بينة من امره ويتمعن ويدقق ؟

اذا لم يجد من يمثله او يمثل تطلعاته او يكون اهلا لثقته او يحسن التصرف والإدارة ويتنزه عن الشبهات والاساءات فمن سيختار ؟

المشاركة بالذهاب الى قاعات الانتخاب والوقوف على صندوق الاقتراع حق من حقوق المواطنين وممارسة ديمقراطية , ولكن تأشير القائمة والشخص هو الاخر من الحقوق التي قد تنتهي بعدم وجود من يمثلهم . وهذا الامر يفسره البعض بانه رفض للعملية الديمقراطية الا اننا نرى غير ذلك بالتأكيد.

ان تشكيل الحكومة يقع على عاتق الأحزاب التي تشكلت والتحالفات القائمة بينها وممارستها للعملية السياسية , وهم بسيرتهم العملية للسنوات الماضية أعطوا تصورا واضحا للمواطنين عن امكانياتهم وتطلعاتهم وتصرفاتهم, ولعل التجربة عند تكرارها لعدة مرات دون تغيير فإنها ستشكل عامل رفض جماعي لا تغيره سوى بعض القناعات نتيجة بعض المؤثرات التي ذكرناها , ولكن مما لاشك فيه ان المعرفة نتيجة التجارب السابقة تنتشر بشكل جماعي كبير وملحوظ بين المواطنين وبالتالي الايجاب او السلب سيأخذ مأخذه ويعطي نتيجة جماعية اما تكون رفض جماعي للمرشحين او اقبال متزايد كل دورة انتخابية على اختيار المرشحين.

وما نراه في العراق فهو رفض متزايد عبر الدورات الانتخابية وذلك من خلال ما نتابعه من نسب المشاركة المتدنية المثبتة رقميا في كل دورة.

ان من العوامل المؤثرة التي لا تعطي فرصة للتغيير في العراق هي  قانون الانتخابات والذي لا يعطي افقا للاختيار ويحدد الحريات الشخصية لتحديد الأصلح والأفضل للترشيح ويبقي على القوائم الكبيرة وأخرى الصغيرة التي لا تستطيع الوقوف في وجه التيارات المتصاعدة من القوائم الكبيرة .وهو القانون المعروف بسانت ليغو وتداعياته .

وبالرغم من الفارق بين القوائم الا ان كل الاحزاب متفقين على الإبقاء على القانون الانتخابي وعدم تغييره لأنه بكل تأكيد يصب في صالحهم .

ان مما لا خلاف عليه بان ممارسة الحق الشخصي في الاختيار هو عمل ديمقراطي ولا يخل به عدم الاختيار لأنه أيضا عملية ديمقراطية بحته وكثرة القناعات وتنوعها لدى مختلف الناس لا يعطي الحق لأصحابها اتهام الاخرين الذين لم تتكون لديهم تلك القناعات كما هو الحال في توجه تلك القناعات نحو اختيار مرشح دون اخر وبالتالي سيكون هناك رافض ومؤيد ليس للعملية الانتخابية فحسب بل حتى الرفض لبعض جوانبها ومقتضياتها وتفاصيلها  بالتأكيد .

التعليقات مغلقة.