هذيان
سعد الحجي /////
عندَ الرابعةِ قبيلَ الفجر أتيتِ مشاكِسةً
تقتحمينَ -وأعني تختلسينَ- مجيئاً
تَـنْسَلّينَ بثنايا حلمٍ موجوعٍ ،
تَـنْسَلّينَ؟
وأرقبُ أبوابي الموصدةَ:
قبضاتٌ صفراءُ وساخرةٌ
عاجزةٌ لا يمكنها منعَ الهَتْكِ..
لذا فحذارِ من التجوالِ هنا بين ثناياهُ
فلا تجوالَ، ولا أقوالَ ، ولا أفعالَ ،
ولا أملَ بأنْ تقترفي النظرَ الساهمَ
-والنابلَ ضِمْناً!-
أو حتى تقليبَ رموشٍ
ولماذا أكْترثُ، الليلةَ أستأجرُ حَرَساً ليليّاً فظّاً
سأحشّدُهم في أطرافِ الأجفانِ
وعند الأذُنينِ كسدّاداتِ القُطنِ ،
وقلتُ الليلةَ أنْعُمُ في أحلامٍ لا يقربُها ذَنْبٌ أو آثامٌ
ذنبُكِ: خيطٌ يترنّحُ يهبطُ من سقفِ قِبابِ التّابو
-تابوهاتُكِ أنتِ-
فيُبْقيكِ مُعلّقةً تسقيني العشقَ الناضِحَ والنّاضبَ
ومواعيدَ رحيلٍ تبتكرينَ صياغتَها
آثامي: تتقافزُ عابثةً إذ أُبْقيكِ وأُبْقيني
في أُرْجوحةِ دورانٍ بينَ
نكونُ ، وقدْ ، ولعلّ ، ولا ، ثمّ نكونُ ..
فقلتُ الليلةَ أهنأُ بالوحدةِ
والصمتِ المتخللِ بين النوتاتِ لموسيقى شوبانَ *
ولكنّ حراكَ ظلالِ الحرسِ
وهم يَـمْضونَ سِراعاً ويجيئونَ
وزعيقاً مكتوماً
يُطلَقُ في همسٍ بين ذَهابٍ ومَجيءٍ
أرّقَ أحلامي ،
ثم لمحتُكِ عن مَبْعدةٍ تبتسمينَ!
أ تبتسمينَ على حلمٍ موجوعٍ ضاعَ
أم من شوبانَ الحانقِ والغارقِ في ألحانٍ مُهمَلةٍ
يمنعُها الحرسُ القُطْـنِيُّ عن الأسماع ؟
..
الآن سأصْرفُ كلَّ الحرسِ
وكلَّ الصمتِ المتخلِّلِ بين النوتاتِ
وكلَّ حسيسِ الوحدةِ ،
وأبقى منتظراً لو تأتينَ
وأعني طبعاً:
تختلسينَ مجيئا!
———————————-
هامش:
(*) Chopin,Frederic_Fantaisie-impromptu_op.66_bryan.verhoye.
سعد الحجي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.