موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

صورةٌ شمسيةٌ للبلاد

صورةٌ شمسيةٌ للبلاد

علي مجبل المليفي – العراق

في تلك المدينةِ التي أيقظَها حفيفُ الأشجارِ وموسيقا الثمراتِ وهي تسقطُ   لِصق مماشي الحدائقِ وعلى مقرُبةٍ من تلك المنازلِ التي تنامُ بعد فيلمِ السهرةِ وتستفيقُ لرائحةِ الفجرِ الذي يضوعُ مثل مِبخرةٍ مكِّيةٍ حيث أرواحُ أمهاتِنا التي تذوبُ في استكانات الشايِ لتُحلِّيَ أوقاتَنا وتحرُسَنا مثل غيمةٍ وهُنَّ يَدْسُسنَ في حقائبِنا دفتراً

صغيراً للمعاني وصورةً شمسيةً للبلادِ وأصواتَ أحذيةِ

النسوةِ   يَنزِلن بالشوارعِ حيث اشتباك العطرِ الذي ينثالُ من تحتِ أرديتِهن يا اللهُ كم كانت صباحتاك تُغري السابلةَ مثل نهدٍ حاسرٍ يتلصصُهُ المارةُ في گراجاتِ الموظفين. في تلك المدينةِ حيث النهارُ يُثقلُ الأشجارَ بالندى النازلِ على وقعِ أغنيةٍ هاربةٍ لطالب القره غولي وهو يستحِمُّ بأدائِها قبلَ المغني ليحفظَ الشوقَ الذي يسكنُ فيها من التجريفِ أو من وجعِ الأوطانِ وهي تحلِّقُ فوقَ الأسطحِ وعلى الطرقِ السريعةِ وفي باراتِ الطبقةِ الوسطى. يا اللهُ كم كانت

دمعاتُكَ ساخنةً وهي تبكي مدارجَ الطفولةِ الملوَّنةِ في المدارسِ والحدائق. كنتَ تخشى الأنهارَ وهي تغطي صرائفَ القرويينَ بالعنبرِ مراتٍ ومراتٍ وبالرصاصِ التقدُميِّ الذي كَبُرَ الأولادُ عليهِ وسمَّوهُ حبلَ الودادِ الأخيرِ. مرتْ أيامُ قاسمَ القصيرةُ التي عَرَفناها من على شاشةِ المقهورينَ الذين يَتهادَون كتبَ جبرانَ وأبو ماضي وأشعارَ حسين مردان وجاء بعدَهم

أهلُ القرى وأطرافِ المُدُنِ الرمليةِ ليرمِّلوا بغدادَ ويرمِّلوا ليلَها المعطرَ بالنارنجِ وصبايا كلياتِها اللائي تجمَّعنَ من كلِّ فجٍ أنيقٍ. لقد أكلوا تفاحةَ قريش وإرتشفوا تاء تأنيثِها حيثُ لا سوادَ في أرضِ السوادِ إلّا سوادُ مآتمِ الشغيلةِ وسرايا المهمَّشين يا إلهي يا إلهَ سومرَ وبابلَ وآشورَ يا إلهَ شقلاوةَ وبيجي والشَرقاطِ يا إلهَ المحاويلِ والقرنةِ وسوقِ الشيوخِ من فضلِك متى تفوحُ الأغاني ونشربُ كأسَ البلادِ النبيةِ.

 

التعليقات مغلقة.