موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

المرجعية العليا تستعرض مفهوم التعايش الثقافي والعقائدي وتؤكد ان صاحب كل فكر له الحق بطرح افكاره دون الاساءة الى مقدسات الاخرين

0

استعرض ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، كيفية التعايش الثقافي والعقائدي في مجتمع متعدد الانتماءات المذهبية، فضلا عن كيفية طرح ذلك المفهوم عن طريق وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بما يحفظ المصالح الوطنية العليا.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (28 /7 /2017)، هل يجوز استعمال اسلوب يستفز الاخرين ويثير فيهم الحساسية المذهبية والطائفية بما يؤدي الى حصول الفتنة والاختلاف والصراع؟!، وهل يجوز ان يطرح هذا الاختلاف في وسيلة تعطي الذريعة لاعداء الاسلام لكي يطعنوا بالاسلام ويثيروا الفتن والقلاقل والصراعات المذهبية في الوطن الواحد والعالم الاسلامي.
واستدرك “كيف نطرح هذا الاختلاف؟!”.
واضاف ان مفهوم التعايش السلمي يعد من المفاهيم التي اولاها الاسلام الاهتمام والرعاية، واهتم بوضع الاسس لها، واعتبرها الية ناجحة لمعالجة مخاطر التنوع في الانتماء المذهبي والديني على مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والعقدية، مبينا ان الاسلام لم يقتصر بوضع النظريات والمبادئ بل تعداها الى التطبيق الدقيق من قبل النبي صلى الله عليه واله الاطهار.
واوضح ان هنالك عدد من الاسس للتعايش الثقافي هي
1- ان المشتركات بين مختلف المذاهب الاسلامية سواء في العقيدة (التوحيد، النبوة، المعاد) او الدعائم العملية للدين الحنيف من الصلاة والصيام والحج وغيرها وبالرغم من وجود اختلافات هنا وهناك تفرض مستوى من الانسجام الثقافي والحوار المبني على احترام خصوصيات الاخر بشكل يحفظ العلاقة الوطنية المشتركة بين المنتمين لهذا التعدد المذهبي ويصون المصالح العليا للمسلمين قاطبة خصوصا اذا كانوا ضمن الوطن الواحد.
2- الترابط القلبي وانبعاث مشاعر العطف والرحمة والتواد التي فرضها الحديث الشريف (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) فان هذا الحديث فرض مساحة ومرتبة من التعاطف القلبي المثمر للتحرك الاجتماعي الايجابي نحو الاخر بما يحفظ قوة العلاقة المجتمعية وعدم تغلب مساحة التقاطع والتهاجر على مساحة التواصل والتقارب الاجتماعي الفاعل.
3- الايمان بان التعدد الديني والمذهبي امر واقع لا مناص منه واقتضته المشيئة الالهية (ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة)، فالتعايش السلمي ضرورة يفرضها الواقع وحقائق التاريخ وينبغي معرفة كيفية التعامل الايجابي البناء مع التعددية بما يصون المجتمع المتعدد الانتماءات من الصراع واستخدام العنف، والمطلوب التعامل بعقلانية وواقعية وعدالة مع التعددية.
4- ان من حق صاحب كل فكر ان يدافع عنه ويحاول اقناع الاخرين به باقامة الدليل عليه واتباع الاسلوب العلمي في اثبات احقيته من وجهة نظره، ولكن من دون المساس بكرامة من يخالفه في الفكر وجرح مشاعره والاساءة الى مقدساته بما قد يؤدي الى الاخلال بالتعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد، فليس المطلوب ان يكف اهل الحق عن بيان ماهو الحق ورجالاته وما هو الباطل ورجالاته ولكن لابد من اتباع الاسلوب الصحيح في ذلك والابتعاد عما يثير الكراهية والبغضاء بين الناس.
5- ان من الامور الخطيرة التي اريقت بسببه الكثير من الدماء البريئة هو تكفير الاخر لمجرد المخالفة في بعض القضايا العقدية وما يتبع ذلك من تأويل للنصوص على غير ماهو المراد منها، خصوصا التي حفظت وصانت المجتمع الاسلامي في دماء ابنائه واعراضهم واموالهم.
6- ان الوعي لما تفرضه المصالح العليا للمسلمين والمصالح الوطنية العامة التي هي اهم بكثير من المصالح الضيقة (التي يتصورها البعض انها مصالح للمذهب والطائفة)، يستدعي مراعاة الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للجميع ضمن دائرة حقوق المواطنة التي يتساوى فيها الجميع، والتعايش على قاعدة المبادئ والمصالح المشتركة ودرء مفاسد الاختلاف والشقاق المضرة للجميع.
7- ان ما يزعزع التعايش السلمي، كثرة الجدال والمراء والانتقاد للاخر في الخطاب العام والابتعاد عن اسلوب الطرح العلمي ضمن دائرة اصحاب الاختصاص، والمسؤولية الاسلامية في البلاغ وحسن البيان للمطالب الحقة. فمن آمن فقد احسن لنفسه ومن لم يؤمن فحسابه على الله تعالى (إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب).
ولاء الصفار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.