موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

نصوص مـن عطر الروح وجمال البوح

نصوص مـن عطر الروح وجمال البوح

صباح محسن كاظم – العراق

    الشاعرة والمترجمة البارعة ” نضال مشكور” السومرية الهوية والانتماء والأصالة الشاعرة المُغردة بشفافية الروح الأنيقة تعكس جمال روحها ببوحها، في اللاوعي لكل إنسان هناك إسترجعات للمكان، يطفو بنصوص الإبداع، أو بثنايا البوح، الدكتورة    “نضال ” حفيدة شبعاد، أنخيدوانا، من جينات سومر تمتح تلك النصوص، وهي تستلهم من عبق وعطر وأريج حضارتها، لتتواصل بنصوصها من البعد الميثولوجي الأسطوري إلى الواقعي رغم غربتها الطويلة من عقود بمدن الضباب لكن الخيط المشيمي برحم المدينة الأم لم يقطع وصالها بتواصلها الشعري بدواوينها الثلاثة وفي ديوان الدهشة.. من عتبة العنوان والنصوص الدهشة تثير سؤال التعجب لمعرفة الأجوبة عن عمق المشاعر والأحاسيس الخبيئة بثنايا النصوص، فالمضمر من الحب ثلاثة أرباع الغاطس ممن تطفو به كلماتها المُعبرة عن أناقة الروح وجمال وزهو البوح.. أجدها: تهتم بجمالية الألفاظ، والنسق الشعري بتوتره وتصاعده ونموه.. ومض كالبرق الشعري، قصص حب موجزة، خاطفة، لكنها رحلة حياة، وأرى التكثيف الصوري بثنايا ديوان “دهشة” وهي تعبر كما بمجتزأ:

هو أن

تختزل

أحاسيسك

بكلمة ٍ مِن

نور

..

أو بنص آخر وخزات بتكثيف عال يفضي إلى المعنى، بالطبع بعصر العولمة، والتحولات الكبرى بالعالم في جائحة كورونا وهي تعبر القارات مصيبة البشرية بمقتل، لا وقت للسرديات المملة، فالنسق الشعري يميل للصورة والضربة الشعرية والمفارقة وقد أجادت المدهشة بدهشتها..

لا بلاغة َ

أكثرَ

مِن

دمعة

حينما ينسج الإنسان مع محيطه، وواقعه، ومجتمعه، يعيش المحبة البريئة الصادقة التي لوثت ثيابها وفضت بكارتها حيواتنا المضطربة والشروخ السيكولوجية بالأمراض الاجتماعية فهذيان وطغيان الحسد والرياء عبثت بالوجود، فيما ترى “نضال مشكور ” إن الطهر بالحب الحقيقي غير المدنس، لتعبر بصدق عن ندرته كالكبريت الأحمر، وهي تسلل لجوهره وماهيته وهو يشمل حب الوطن، الوالدين، الزوج، الصديق كل من يحيط بوجودنا من جمال..

أراك بين

السطورِ

عَلَماً

وآيةَ

وتنوين

الفتح المبين

 أجد بدهشتها ثنائيات التضاد الغياب والحضور الحب والحرب توشم نصوصها بوشم المفارقة الشعرية التي تعبر عن صخب الرفض والاحتجاج لكل من يعكر صفو الوجود بمطارق على الرؤوس التي لا تكاد تتحمل كاهل الأعباء الوجودية، هذا ما أحسبه للشاعرة ببعدها الإنساني الرقيق الذي يحمل الشعر والقصيدة كرداء ضد قبح الحياة، تُجمل حياتنا بين الكتب والشعر والسرد والقصيدة، بصور شعرية غير نمطية أو مستهلكة وأحدد ذلك بسبب الاغتراب والحنين للماضي الجذر السومري ولشارع المتنبي الذي تعده مرآة بغداد ونافذته على العالم.. اللعبة الشعرية بديوان دهشة بالقدرة اللغوية بتوظيف البلاغة.. يذكر الناقد الدكتور هادي نهر علم الدلالة التطبيقي في التراث العربي (من كلام العرب اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد؛ واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ؛)[1]

مسامير

الصليب من

رأسي

ويحملني

على ظهرة

أرتجل

القصيدة

الأنبياء …

والمتنبون لم يرحلوا

بعيداً

هم يتمشّونَ

في

شانزيليزيه

المتنبي

الشعر لديها قبس من نور، وترانيم عشق ومحبة، وبوح لخبايا الروح، وتسابيح نحو الكمال الروحي لذا تدافع عنه وترد سهام الطيش التي تمتلئ بالعالم الأزرق اليوم، حيث تفجير اللغة بألغام الرثاثة والرداءة فيما تسمو بالنص لشهقة الروح المتعالية التي تعبر عن الذات والآخر..

لا تفكّوا

أزرار

قميص

القصيدة

الحشمةً

أجمل.

……

جلسَت

القرفصاء

حافية الحنّاء

فستانها

الأحمر

القاني

ينطرُ ملاكها

الشفيف

 همسّه

الحاني

..

إن نسيتَ ما

عمر ابنك

تذكّر فقط

في أي

حرب ولد.

في صوفية الوجد الشعري تبوح من جمال الروح وعذوبتها والاحتواء والاكتواء بجمرة العشق بنص يفيض بمشاعر دفينة بأسلوب مبني على الرقة والليونة والابتهال بحماس صوب تحقيق الالتحام والتشابك الروحي بين حبيبين.. نصها يعبر عن وله الحب والانشراح.

تنص بما يلي:

رفع يديه

للسماء

وقال:

سامحني يا

رب إن

غفلت يوماً

عن وصاياك

العشرة

وامنحني

وصية

حادية عشر

فلقواعد

العشق

استثناء..

     ترفع لافتة، وتصرخ بالآفاق برسالة القصيدة، والوعي أنشروا المحبة لتورق الأشجار والثمار ببستان وجودنا الذي حرقت نار الحروب إنساننا، وخضرته، ومحاصيله، ومبانيه، د-نضال مشكور تسقي زهور النصوص بماء المحبة التي تتدفق بثنايا النصوص وتلك لعمري وظيفة الأدب الجاد والهادف والرصين والقصيدة التفاعلية، مع الوجود الإنساني بالهم الأكبر لا الذاتي الذي ينأى عن القطيعة ويشد العزيمة بالتكاتف ضد المحن بوجودنا الخطر.

     يؤكد الدكتور خالد الشمس في كتابه دراسات نقدية في الشعر والنثر (فالنساء لم يستمتعن بوجودهن الأنثوي الخالص، وإنما يكٌنَّ للإنجاب، والعمل، والمباهاة، والبكاء، والترمل، والقهر، والنياح، وكذلك الرجال جيء بهم للحرب، والسجون، والخضوع، والسقوط في وحل الحكومات القائمة على  التغابي…) [2]

القلوب التي

تتفحم بنار

الحقد

تفقد ذاكرة الحبّ

[1] – الدكتور هادي نهر/ علم الدلالة التطبيقي في التراث العربي عالم الكتب الحديث /الأردن /ص659

[2] – الدكتور خالد الشمس / دراسات نقدية في الشعر والنثر/ مركز الكتاب الأكاديمي / الأردن / ط1 2021 /ص137

التعليقات مغلقة.