موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

ميتة ذهبية في طروادة

القاص الراحل محسن الخفاجي

بعد عشرين عاماً، بعد فصول مملة من أمطار وعواصف وأعاصير وجفاف وغبار، نسجتها طبيعة غاضبة شرسة بمخالب وحشية، يعود أخي من الغرب الذهبي ليقضي بقية حياته في مسقط الرأس ((هذا ما ورد في برقية قليلة الكلمات. حدسنا من كلماتها أن الحنين قد قتله أخيراً)).

كان أخي يبحث عن خاتمة غريبة لحياته بيننا، أو هذا ما كنا نعتقده على الأقل، بلغ الخمسين من العمر، لكنه ما زال يحيا في غربه الذهبي بذاكرة شاب هاجر في يوم عصيب ضاعت تفاصيله، مخلفاً كل شيء هنا خلفه: العائلة، الزوجة، الأبن، وأثاث البيت، بالرغم من أن معظم أصدقائه القدامى قد ماتوا بعد أن حصدتهم مصائرهم الفاجعة، فلا أحد منا نحن الباقين على قيد الحياة من أخواته وأقربائه، يستطيع أن يعيد له ذلك الأحساس بعذوبة الماضي، وسحر حياة الشباب. لا أحد

بإمكانه أن يعيد عجلة الزمن عشرين عاما إلى الوراء، إلى اليوم الذي هاجر فيه. لا أحد يقدر أن يوقف العجلة المجنونة التي طحنت كل شيء، لكننا بذلنا كل ما لدينا من شيء مدّخر. أحضرنا المصابيح الملونة الكبيرة لإنارة زوايا البيت المظلم، وعلّقنا نشرات ضوئية من مصابيح صغيرة ملونة في هيئة أقواس، وعلقنا صورته الكبيرة، التي أرسلها لنا من بلاد الغربة، وهو في الثلاثين من عمره، وحلقة ذهبية تتدلى من شحمة أذنه، على الحائط الأبيض، يبتسم لنا كل لحظة، وانتظرنا. أعددنا الخروف ذا القرنين، لنذبحه تحت قدميه، ونلطخ بدمه عتبة البيت، واقتنعنا تماما بأن أخي لو مات في يوم ما، بعد شيخوخة هادئة فإن جثمانه لن يدفن في أرض غريبة، بل في مقبرة العائلة، حيث يلتقي الأجداد والأحفاد بلا موعد تحت بقعة أرض واحدة.

اكمل قراءة القصة في مجلة المتابع الثقافي العدد رقم 1 تجده في منافذ البيع

التعليقات مغلقة.