موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

ترجمة أعمال نسائية بقلم نِسَاء أخريات يُنتِج مشروعًا نِسْويًّا- وكالة ذي قار


بينما كنت في زيارة لمدينة باريس العام الماضي، وَلَجتُ مكتبة لبيع الكُتُب، وكنت لتوي قد احتسيت كأسين من النبيذ مع وجبة الغذاء، فاشتريت نسخة من كتاب “مذكرات فتاة” للكاتبة آني ايرنو. وخلال الشهور التالية، وجدت أن كأسي النبيذ كانا قد ضخَّما من شعوري بالثِّقة، وأن لُغتي الفرنسيَّة كانت أضعف مما ظننت، ثُمَّ جاءني بعد فترة وجيزة نسخة من الترجمة الإنجليزيَّة بعُنْوَان “قصة فتاة” للمُترجِمة أليسون ستراير، فكانت هذه أوَّل رواية بدأت في قراءتها تزامنًا في لُغتها الأصلية وترجمتها الإنجليزيَّة، وشعرت بالامتنان الشديد للمُترجِمة، ولكل المترجمات النساء اللاتي اجْتَهدن لإتاحة كاتبات في اللُّغة الإنجليزيَّة.

كتبت كاترينا دودسون، مُترجِمة “القصص الكاملة” لكلاريس ليسبيكتور عام 2015، أن العمل الناتج عن الترجمة بالضرورة ينقصه الكمال، وتضيف في مقال كتبته لصحيفة The Believer: “لقد بذلت قُصَارَى جُهْدي، للتكهُّن ببواطن تشويه اللُّغة البارزة لدى كلاريس، لأقوم بنقلها بشكلٍ أمين. إلا أننا ندرك أنه لا وجود لترجمةٍ مثاليَّة، فتلك الأجزاء التي تُمثِّل مُكوِّنات اللُّغات المختلفة لا تتطابق أبدًا، وفي نهاية الأمر، فإنها بصمات أصابع شخص ما تُدَنِّس كلمة شخص آخر، بصرف النظر عن مدى محاولة المُترجِمة في نقل روح النَّصّ والحديث من خلاله، فيظل فعل الترجمة تأويلًا”، وكثيرًا ما أفكِّر في هذا المقطع، فعدم الإقرار بجُهْد المُترجِمة عندما نقرأ الأدب من لُغةٍ غير لُغتنا الأُمّ أمر شائع للغاية، إلا أن المُترجِمة تُمثِّل أهمية مثلها مثل المُؤلِّفة ذاتها، على أقل تقدير في حالة عدم قدرتنا على الوصول إلى النَّصّ في لُغته الأصل أو فهمه فيها. وتَصِف كايت بريجز في مقالها “هذا الفَنّ الصغير” أي فعل ترجمة أنه “مكتوبٌ مرَّتين”.

وكانت أوَّل تَّجْرِبة متعمقة لي هي قراءة رواية “أنا كارينينا” بترجمة كونستانس جارنيت، عندما كنت في الخامسة عَشْر من العمر. ولعل الغالبية من القرن العشرين شهدت ترجمة الأدب من لُغات العالَم إلى الإنجليزيَّة يقوم بها الرجال من المترجمين، وكانت كونستانس جارنيت من أشهر المُترجِمات من النِسَاء، ولم أدرك إلا بعد سنواتٍ أنه كثيرًا ما كان يتم تصويرها بأنها امرأة مُشتَّتة مُشوَّشة، لا ترقى لمهمة ترجمة تولستوي. ومنذ كنت في الخامسة عَشْر، أعدت قراءة “أنا كارينينا” مرَّتين: مرَّة نسخة جارنيت، ومرَّة ترجمة بيفير وفولوخونسكي الرائعة. وخلال تلك السنوات، عملت لدى سلسلة مكتبات ماكنيللي جاكسون، وكنا عادة ما نُزَكِّي ترجمة بيفير وفولوخونسكي للأعمال الروسيَّة الكلاسيكيَّة، إلا أنني مع مرور الوقت، بدأ الشَكّ يراودني في أنه كان يتم الذَّم في جارنيت بشكلٍ مُجْحِفٍ، فسألت صديقًا، وهو شاعر يُترجِم عن الروسيَّة إلى الإنجليزيَّة، وأكَّد لي شُكوكي، قائلًا: “أنا شخصيًا من أنصار كونستانس على طول الخط. صحيح أنها ترتكب بعض الأخطاء، ولكن هذا أمر يسهل عليَّ تفهمه! كما أنها أخطاء بسيطة، وهي في رأيي الكاتبة الأفضل باللغة الإنجليزيَّة، واعتقد أن هذا هو دور المُترجِم، وما يستحقه الكُتَّاب الذين يُترجِم عنهم!”

إن الغالبية من الأعمال الأدبيَّة كتبها الرجال، وينطبق هذا بشكلٍ خاص على الأدب المُترجَم. أما خلال السنوات القليلة الماضية، فإن الكُتُب التي وجدتها الأكثر تشويقًا لي فكانت تلك التي كتبتها أو ترجمتها النِسَاء، ومنها ترجمة صوفي هيو لرواية فيرناندا ميلكور “موسم الإعصار”، وترجمة سوزان بيرنوفسكي لرواية جيني ايربينبيك “زيارة”، وترجمة ميلاني موثنر لرواية سكولاستيك موكاسونجا “سيدة النيل”، وترجمة ناتاشا ليرير لرواية ناتالي ليجير “جناح لبربارا لودن”، وترجمة إيما رمضان لرواية أنا جاريتا “أبو الهول”. إضافة إلى ذلك، فإن الكثير من كاتبات منتصف القرن العشرين، ممن كانت أعمالهن صعبة المنال أو غير متاحة باللُّغة الإنجليزيَّة، قامت مؤخَّرًا سيدات أخريات بترجمتها.

ولعل أهم هؤلاء، ترجمات جيرالدين هارتكورت لروايات يوكو تسوشيما، وترجمات كارين إيميريخ لروايات مارجريتا كارابانو، وترجمات آن جولدشتاين لروايات إلسا مورانتي. وكان أول لقاء لي مع جولدشتاين عندما قرأت ترجماتها لأعمال إلينا فيرانتي، ووجدت في نفسي بعد ذلك شغفًا بقراءة مورانتي، حيث إن فيرانتي أوردت ذكرها باعتبارها تأثيرًا هامًا، بل إنها استقت اسمها المُستعار من اسم مورانتي. وكانت قراءة رواية “جزيرة أرتورو” بترجمة جولدشتان متعة رائعة، فقد نجحت جولدشتاين في نقل أسلوب كل من مورانتي وفيرانتي، بل إن أوْجُه التشابه بين الكاتبتين الإيطاليتين برزت بشكلٍ أوضح في لُغة جولدشتاين الإنجليزيَّة.

نجد هنا مشروعًا نِسْويًّا جمعيًا، وهو مشروع تعمل من خلاله نِسَاء على تعزيز صوت نِسَاء أخريات، وتمكن من نشر أوسع لصوتهن وأعمالهن، وقد تأثَّرت بشكلٍ خاص بجُهُود جنيفر وكروفت المترجمة عن اللُّغة البولنديَّة للحصول على تقدير لأعمال الكاتبة أولجا توكارشوك، وكتبت في صحيفة Paris Review Daily أن “كافة جُهُودي لإبراز أعمال أولجا، ومنحها تواجدًا بالإنجليزيَّة على وسائل التواصل الاجتماعيّ، والتقدُّم للحصول على منح لطالما استهلك وقتًا وطاقة أكبر كثيرًا عن القيام بأعمال الترجمة ذاتها”، ومثل هذه الجثهُود المبذولة إنما تسلِّط الضوء على كم الاحترام والدَّيْن الذي ندين بهما لمُترجِماتٍ من أمثال كروفت ودودسون وجولدشتاين وغيرهن، خاصة لمن لا يملك قراءة النسخة الأصلية (ويظل في يدي كتاب “مذكرات فتاة” يجب أن أنتهي من قراءته). هؤلاء النِسَاء إنما يَعمَلن على إذابة اللُّغة والجغرافيا والزمن، ويقدِّمن لنا العمل بكلماتهن وكلمات المؤلِّفة الأصلية – أي كُتِبَت مرَّتين.

المصدر: https://www.catranslation.org/blog-post/the-translation-of-women-by-women-is-a-feminist-project/










هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن سياسة المحطة.




(function () {

function appendFbScript() {
var js, id = ‘facebook-jssdk’,
fjs = document.getElementsByTagName(‘script’)[0];

if (document.getElementById(id)) return;
js = document.createElement(‘script’);
js.id = id;
js.src = “//connect.facebook.net/ar_AR/sdk.js#xfbml=1&appId=1931834240421227&version=v2.0”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);

window.fbAsyncInit = function () {
FB.init({
appId: ‘1931834240421227’,
xfbml: true,
version: ‘v2.0’
});
FB.Event.subscribe(‘comment.create’, function (comment_data) {
console.log(comment_data);
update_comments_count();
});
FB.Event.subscribe(‘comment.remove’, function (comment_data) {
update_comments_count();
});

function update_comments_count(comment_data, comment_action) {
jQuery.ajax({
type: ‘GET’,
dataType: ‘json’,
url: ‘https://elmahatta.com/wp-admin/admin-ajax.php’,
data: {
action: ‘clear_better_facebook_comments’,
post_id: ‘66935’
},
success: function (data) {
// todo sync comments count here! data have the counts
},
error: function (i, b) {
// todo
}
}
)
};
};

jQuery(document).on(“ajaxified-comments-loaded”,appendFbScript);
}

appendFbScript();

})();



المصدر

التعليقات مغلقة.