موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

«كورونا» تحوّل المنازل إلى أفران والمحجورين خبازين-وكالة ذي قار

https://aawsat.com/sites/default/files/styles/large/public/2020/04/11/food-120420-1.jpg?itok=g1CoJDE5


بات على سيدات العالم أن يفعلن أشياء لم يعتدنها، كأن يعجنّ دقيقاً أو يجلسن أمام المواقد. فإلى جانب إدارة شؤون المنزل، فرضت الإجراءات الاحترازية وحظر التجول عليهن تدبير بدائل منزلية للطعام، وتأمين ما يلزم من الخبز، بعد الإقبال المتزايد على شراء المواد الغذائية بشراهة.

هذه الحالة الطارئة استشعرها بعض الشيفات في الوطن العربي، فسارعوا إلى إعداد وصفات للخبز دون اتفاق مسبق، بمختلف أنواعه وتسمياته، بداية من «البركة» وانتهاء بـ«الخبز بالحليب».

تقول الشيف مي يعقوبي، صاحبة وصفة «خبزة البركة»، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الوصفة لم تكن في البداية بهذا الاسم، بينما هي مجرد وصفة للخبز العربي المكون من شريحتين، تعتمد على الطحين الذي يعد من المكونات الحيوية. بساطة هذه الوصفة أنها لا تحتاج سوى الدقيق والماء، فكان الهدف هو مشاركة متابعي عبر صفحتي على (فيسبوك) بوصفة تلبي الاحتياجات، دون الحاجة لأدوات طهي معقدة أو حتى مهارة».

أما عن إطلاق اسم «خبزة البركة» على هذه الوصفة، فتقول يعقوبي: «رائحة العجين والخبز بالبيت تجلب الشعور بالبركة، والأيدي التي تخبز هي يد منتجة، وفكرة أن يخبز الشخص بيديه تحمل كثيراً من الرمزية، فمن يملك قوت يومه يملك القوة لمواجهة أي صعاب». وتضيف: «قطعة خبز مع زيت وزعتر وجبة مشبعة تكفينا، وتشعرنا بالرضا الذي يعيدنا إلى بركة بيوت جدودنا، ومن هنا جاءت التسمية».

وترى يعقوبي أن الشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تملك فرصة للتواصل مع آلاف المتابعين، يقع على عاتقهم مسؤولية مجتمعية كبيرة في الوقت الحالي، وتقول: «النجاح في تخطي هذه الجائحة يتوقف على مدى التزام الشعوب بالعزل التام، ورأيت أنها فرصة لمساعدة المتابعين في أي مكان على الالتزام بالعزل المنزلي قدر المستطاع».

وتؤكد يعقوبي أهمية هذا الدور، وسط مخاوف من اضطرار بعض الدول لغلق جميع المحال، إذا تفاقم الوضع أكثر من ذلك، وهو ما دفع بعضهم لتخزين كل ما يمكن تخزينه، كنوع من الحماية.

وعلى حد قولها، ترى مي يعقوبي أن المتابعين بحاجة لوصفة كهذه، فـ«هذه الوصفة خصيصاً كان لها صدى رائع، وحظيت بكثير من التفاعل من قبل المتابعين، ربما لأنها وصفة مُنقذة، إذا تعرضنا لنقص في السلع الغذائية في أسوأ الأحوال».

وانتهت يعقوبي إلى أن الشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي حان دورهم الحقيقي، إذ تضيف: «النصائح النظرية متوفرة حولنا في كل مكان، بينما جاء دور الإنفلونسرز (المؤثرين) ليكونوا هم التطبيق والنموذج لكيفية العبور من هذه المرحلة القاسية، أيضاً المتابعين بحاجة لأن يشعروا بأن الجميع في السفينة نفسها».

أما الشيف ليلى فتح الله، فتروي لـ«الشرق الأوسط» كواليس وصفة «الخبز بالحليب» التي حظيت أيضاً بتفاعل ضخم من قبل متابعيها، وتقول: «اخترت وصفة الخبز بالحليب لأن العجين والخبز يشعرني بالراحة، رائحته بالبيت تحمل نفحات الخير، ربما أكون قلقة مثل كثيرين من أن يمتد العزل المنزلي للحد الذي يؤثر على السلع الأساسية، هنا سنكون بحاجة ماسة لتأمين متطلباتنا بتجهيزها في المنزل لأنه بالطبع أطيب».

وتضيف: «جزء من احترامي لمهنتي ولمتابعي أن أكون قريبة لهم، أشعر بمسؤولية كبيرة نحو كل من يقتطع من وقته ليتابع وصفاتي، لا سيما في هذا الوقت العصيب».

وعن رأيها في دور الشخصيات المؤثرة في الوقت الحالي، تقول الشيف ليلى: «زاد التواصل بيني وبين متابعي خلال هذه المحنة، الإنفلونسر (المؤثر) عليه أن يكون واعياً بما يدور حوله. مثلاً وقت الثورات، كنت حريصة على مشاركة متابعي بوصفات بعيدة عن المكونات المُكلفة، والأمر نفسه منذ جائحة كورونا، حيث يشعر الملايين بالزعر، ليس فقط جراء كورونا بشكل مباشر، ولكن بسبب الهزة الاقتصادية التي ربما تظهر تداعياتها لاحقاً».

أما ما تخطط الشيف ليلى لتقديمه خلال الفترة المقبلة، فتقول عنه: «قبل ظهور فيروس (كورونا)، كنت بصدد تجهيزات الموسم الرمضاني التي توقفت تماماً.

لكن أشعر أن علاقتي بمتابعي أكثر خصوصية من مجرد الشكل المهني لتقديم الوصفات، لذلك أقدم كل الجديد يومياً من مطبخي، وأشارك، فنحن الآن سواء أمام محنة واحدة، وبحاجة لئلا يبخل أي شخص بتقديم يد العون التي ربما تبعث الطمأنينة في القلوب، حتى إن كانت في وصفة خبز شهية».

وبجانب ما قدمته مي يعقوبي وليلى فتح الله، كانت وصفات الخبز الشامي للشيف غادة التلي، وخبز الصاج للشيف سالي فؤاد، من بين الأصناف التي لاقت متابعة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً لسهولة طريقة التحضير والتنفيذ التي تعتمد على مزج الدقيق بالماء وبعض الخميرة، لكن الأمر يتطلب التدريب على التعامل مع اللهب، خاصة أن كثيراً من السيدات ليس لديهن خبرة سابقة بمثل هذه المواقف.





المصدر

التعليقات مغلقة.