موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

الأعياد تتحدى زمن «كورونا» بأطباق جذابة-وكالة ذي قار


أطباق الكوكيز والكعك الملون بالأحمر والأخضر، شوكولاتة، وفي وسط طاولة الطعام ديك رومي مُزين بالخضراوات. أنوار تشعل الجدران، شجرة مزينة بالأحلام، والعائلة تتبادل الأمنيات بعام جديد أفضل. جميعها أجواء تتبادر إلى الذهن مع اقتراب أعياد الميلاد (الكريسماس).

ارتبطت العطلات بأصناف الأكل، حتى أن هناك أطباقاً موسمية لا تظهر إلا في الحفلات والعطلات. مع اقتراب أعياد الميلاد تذهب الشهية إلى الحلوى المزينة برسوم الكريسماس وأصناف اللحم الشهية. حتى أصحاب الطبقة المتوسطة يدخرون من أجل ليلة يغمرها الدفء والأمل. هذا العام خصيصاً، الذي اتحد فيه العالم أمام الألم والخوف من فيروس كورونا، ينتظر ليلة عيد الميلاد بأحلام موحدة.

أعياد الميلاد ارتبطت أكثر بالدول الغربية، خاصة أوروبا وأميركا، لكن الكريسماس في دول الشرق الأوسط له أيضاً طابع مميز، لا سيما أن المطبخ العربي وضع لمساته على طاولة العيد. يقول الطاهي السوري بلال الحبش لـ«الشرق الأوسط»، تجلب احتفالات أعياد الميلاد الشعور بالسلام والمحبة، فالجميع يحتفل دون الحديث عن دين أو وطن أو أصل، نستقبل عاماً جديداً بأطباق شهية لا تختلف عليها مطابخ العالم، لكن يقدمها كل مطبخ على شاكلته وهويته»، ويضيف «كلمة الكريسماس تذكرني على الفور بالديك الرومي، ولكن أيضاً أميل في هذا اليوم إلى أن أشارك متابعيّ وعائلتي بأصناف أخرى من اللحم، مثل طبق الاسكالوب بالأعشاب وطبقات الجبن على طريقتي».

بالعودة إلى التاريخ، نجد أن ارتباط طبق الديك الرومي بعيد الميلاد جاء مع بدايات القرن الثامن عشر، تحديداً بعد انطلاق احتفالات عيد الشكر للمرة الأولى، قبل ذلك كان الأوز المشوي هو الطبق المتعارف عليه في عطلة الكريسماس. وقتها كان المزارعون أكثر حرصاً على الدواجن والأبقار؛ لأنها مصدر للبيض والحليب، أما الأوز كان طائراً يجلب موارد أقل، كما أن مذاقه شهي؛ ما جعله الأبرز على طاولة العطلات، لكن بمرور الوقت أصبحت الأوزة لا تسد جوع أسرة كاملة، كما صعدت فكرة الاحتفال بعيد الشكر في أميركا وكندا، وصعد معها طبق الديك الرومي الذي لا يزال رمزاً لطاولة الكريسماس.

ويقول الحبش، الذي يعرف كثيراً من أسرار الطهي العربي بفضل نشأته في واحد من أهم مطابخ الشام، سوريا، ثم انتقاله إلى الأردن وأخيراً قطر، «المطبخ العربي أضاف لمسته على وصفة الديك الرومي، بفضل التوابل العربية وابتكارات الأرز بالمكسرات أو القرفة».

لا تكتمل احتفالات الكريسماس إلا بطبق الحلو، ويعطيه الطاهي السوري أهمية خاصة في هذه العطلة، ويقول «عادة ما يطلب متابعي قبل أعياد الميلاد وصفات الكوكيز والبيتيفور المشُكل برسوم شجرة الكريسماس وبابا نويل، وبالطبع مزيج حلوى السكر الأحمر والأخضر الذي يثير الشهية يبعث الأمل في غدٍ بلا ألم على الإنسانية جمعاء».

إذا تجولت على مدونة الشيف بلال ستجد أصنافاً أخرى من الحلوى المزدانة باللون الأخضر، لكن بروح المطبخ السوري، مثل غريبة الفستق الحلبي وتارت الليمون، أو تلك المجهزة من فاكهة حمراء مثل تارت الفراولة والكرز.

عيد الميلاد في مصر له طابع مميز ربما بسبب أقباطها، تقول عنه الطاهية المصرية سارة نشأت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «نشأت في مدرسة راهبات، اعتدت تزيين شجرة الكريسماس مع زميلاتي (مسلمات ومسيحيات)، ننتظر بشغف يوم عيد الميلاد لنرسل أحلامنا إلى بابا نويل، حتى أن شكل شجرة الميلاد ارتبطت في ذهني حتى الآن بالأحلام والمستقبل». وتضيف «أما كطاهية أصبح الكريسماس موسم عمل، أحاول خلاله أن ألبي طلبات المتابعين بوصفات تناسب هذه العطلة التي تغمرها المحبة بلمة العائلة».

«الأرز بالخلطة على الطريقة المصرية هي الوصفة الأكثر طلبا بعد الديك الرومي بالطبع»، حسب الطاهية سارة نشأت. وتضيف «في مصر تنافس أطباق مثل محشي ورق العنب وروستو اللحم، وفخذ الضأن، طبق التركي (الديك الرومي)، لذلك أحاول تلبية جميع الرغبات». بالإضافة إلى أصناف الأكل تقول الطاهية المصرية «العين تأكل قبل الفم، لذلك أحرص على تزيين الطاولة بديكورات الكريسماس الشهيرة».

وعن سر طبق الديك الرومي الشهي تقول الشيف سارة «مشكلة الديك الرومي أن أنسجته تجف خلال الطهي فيصبح صعب المضغ؛ لذلك بحثت عن طريقة تحافظ على الأنسجة من الجفاف، وتجعل أنسجته أكثر نعومة». وتشاركنا سارة بطريقتها «يجب وضع الديك في محلول مكون من السكر البني، ملح البحر، فصوص الثوم، حبات الهيل، فلفل أسود، روزماري، زعتر، الليمون وأعواد القرفة مع الماء الدافئ». وتنصح أن يمر الديك على هذه المرحلة قبل يوم أو يومين من طهيه.

أما عن الطريقة العربية لطهي الديك الرومي يقدمها الطاهي السوري بلال الحبش، ويقول «يمزج ½ كوب من الماء الملح، الهيل، الثوم، البصل والزنجبيل مع التقليب حتى يذوب الملح». الآن الخليط جاهز لحقن الديك الرومي تحت الجلد وداخل تجويف البطن. «في وعاء آخر يجهز خليط من الزبدة، البابريكا، الثوم والملح، ثم يوزع على الديك من الداخل والخارج» (لنجاح هذه الخطوة يفضل أن يكون جلد الديك جافاً). ويضيف الحبش «لتعزيز مذاق الديك الرومي يفضل حشو تجويف البطن بالخضراوات حسب الرغبة».

في فرن درجة حرارته 400 فهرنهايت، يوضع الديك الرومي على شبكة من دون تغطية، إلى أن يتحول جلد الديك إلى اللون الذهبي. هنا تُخفف درجة الحرارة، ويمكن في هذه المرحلة تغطية الديك بورق الألمنيوم من دون إحكام. ويقول الطاهي السوري «يجب وضع صينية تحت الديك خلال مرحلة الطهي، حتى تتساقط سوائله، بفرشاة يُعاد توزيعها على سطح الجلد». يستغرق طهي الديك الرومي نحو ساعتين أو أكثر قليلاً. أخيراً يقول الطاهي «يفضل تقطيع الديك بعد 15 دقيقة من خروجه من الفرن».





المصدر

التعليقات مغلقة.