موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

«تشيستنات»… مخبز غربي بنفس شرقي-وكالة ذي قار


الشيف أحمد البدر خبرة عالمية يترجمها في مخبوزاته غير العادية في لندن

بدأت لندن باستقبال الذواقة في مطاعمها في الداخل وفي الباحات الخارجية، وهذا الأمر كان متوقعاً، ولكن الأمر الذي لم يكن في الحسبان هو أن نسمع بأن هناك من يجرؤ على افتتاح مطعم في العاصمة البريطانية في وقت لا تزال المدينة تلملم جراحها وخساراتها المادية الفادحة بسبب تداعيات الجائحة وتأثيرها على المطاعم وقطاع الضيافة بشكل عام.

عندما سمعت بأن مخبزاً مميزاً سيفتح أبوابه في منطقة بلغريفيا في وسط لندن استغربت وقلت بأن صاحب المشروع جريء، أو إذا صح التعبير «مجنون»، وما كنت أجهله أن هذا الشخص الذي يصف نفسه بالجنون، لأن الإبداع ينقصه الخروج عن المألوف والتأني في التفكير، هو طاهٍ كويتي له باع طويل في المطبخ والمطاعم وصاحب شركة استشارات عالمية.

التقت «الشرق الأوسط» الشيف أحمد البدر في مخبزه الجديد «تشيستنات» (Chestnut) بعد أيام معدودة من الافتتاح، استقبلنا بابتسامة لم تفارق وجهه وبضيافة عربية أصيلة. قبل أن ألقي عليه التحية وجدت نفسي أقول: «يا لها من رائحة رائعة»، كيف لا ورائحة الخبز والمعجنات والمخبوزات تعبق من كل زاوية في ذلك المكان الشرح والجميل الذي يضم جلسة في الخلف مع سقف مفتوح عندما تسمح الظروف المناخية بذلك.

المخبز ليس عادياً، والسبب هو تقديمه الفطور طيلة اليوم، بالإضافة إلى قهوة عالية الجودة، وأنواع مبتكرة من الكرواسان والمنقوشة اللبنانية التي يقدمها الشيف البدر بطريقة عصرية من دون أن ننسى الكرواسان المحشوة بلحم الباسترامي وأخرى محشوة بالزعتر وجبن الغرويير ومنقوشة جبن الماعز مع التين أو جبن البوراتا الإيطالي والقرنبيط المشوي مع الصلصة الطحينية.

الشيف أحمد درس التمويل والتسويق في الكويت، لكنه كان يعرف منذ أن تخرج من المدرسة الثانوية عام 1996 أن عشقه الأول والأخير هو المطبخ والطهي، ولكنه توجه إلى مضمار العمل في المصارف، لأن كلية «جونسون وو» للطهي لم تكن معتمدة من قبل وزارة الثقافة في الكويت، ولكنه حقق حلمه من خلال الدارسة في معهد «كوردون بلو» الفرنسي الذي يتخرج منه ألمع الطهاة في العالم.

ولاقى البدر دعماً كبيراً من أهله الذين لم يعارضوا خياره المهني لا بل شجعوه، ويذكر البدر بأن أطروحته في الجامعة كانت عن سلطة القيصر «سيزار سالاد»، واليوم يعد الشيف من أهم الطهاة العالميين، ويملك عدداً كبيراً من المطاعم في كل من الكويت والسعودية ولندن، كما تخصص بدارسة تحضير الخبز وهذا ما جعله يفتتح «تشيستنات» وعمل على مدى 18 عاماً في مجال تحضير الخبز، ويقول: «كنت أعتمد على شركات خاصة للحصول على الخبز الذي أستعمله في البرغر، وهذا الأمر لا يضمن النوعية والجودة، ولهذا السبب أردت بأن أكون مستقلاً في عملي، وأقوم بتحضير كل شيء في مطبخي الخاص من دون الاعتماد على جهات مستقلة».

ويقول الشيف البدر إن مخبزه في بلغريفيا سيكون له فرع آخر في منطقة كوفنت غاردن بعد شهرين. وعن التوقيت الغريب لافتتاح المخبز في وقت تعاني منه المطاعم من الأزمة، قال البدر: «أنا مجنون والجنون صفة أصحاب الإبداع والابتكار، وأعتقد بأن السوق المحلية تشجع على هذا النوع من المطاعم لأن عهد مطاعم (الفاين داينينغ) قد انتهى، واليوم يفضل الذواقة هذا النوع من النكهات بدلاً من المطاعم الراقية التي تتطلب الكثير من التقنيات المضيعة للوقت».

بداية الشيف البدر كانت في مطعم مساحته 50 متراً، وهذا القرار كان تحدياً بعين ذاته، فكان يقوم بتحضير البرغر في مطعمه «هبرة» على مساحة ضيقة جداً ومطبخ صغير، ويقول هنا: «لم أخف من العمل في مساحة صغيرة جداً لأني كنت أراقب مضيفي ومضيفات الطيران وهم يحضرون الطعام على متن الطائرة في مساحة صغيرة جداً، وأعتقد بأن التنظيم والتحضير المسبق يساعدان على تخطي مشكلة المساحة».

يقع المخبز في شارع «إليزابيث ستريت» الذي يعج بالمطاعم المميزة، من بينها مخبز «بيغي بورشن» للحلويات. وبعد أسبوع من الافتتاح يثبت عدد الزبائن الذي شاهدناه أثناء زيارتنا بأن النوعية والجودة هي السبب في نجاح أي مشروع في أي ظروف وأي توقيت.

عندما تدخل إلى المخبز الذي يطغي عليه اللون الأبيض يستقبلك الخبز بألوانه العديدة وتقف محتاراً ما بين التعبير عن إعجابك بشكل المخبوزات ورائحتها أو التعزل بحبوب القهوة التي تحضر أمامك، هناك طاولات عديدة، والأهم أنها بعيدة عن بعضها البعض، وإذا كنت تحب الضوء الطبيعي أنصحك بالجلوس في الباحة الخلفية من المخبز.

استطاع الشيف البدر تطويع خبرته ودارسته في معاهد غربية للطهي من خلال مزجها بالذائقة الشرقية، فاستخدم الزعتر والباذنجان والقرنبيط والتين والجبن لتصبح مخبوزاته فريدة من نوعها.

ولمحبي الخبز أنصحهم بخبز «الساور دو» المحشو بالشوكولاته والزبيب والملح إنه فعلاً لذيذ للغاية.

وتفادياً لإهدار الطعام يقوم المخبز بتوزيع ما يتبقى من خبز يومياً على المحتاجين وتوصيل كمية منه لدار المسنين في منطقة تشيلسي، كما يقدم المخبز عدداً من مخبوزاته لبنك الطعام في المنطقة لكي يستفيد منها المحتاجون والعائلات الفقيرة.

«تشيستنات» عنوان محبي القهوة والجلسة المريحة، فإذا كنت من أرباب الكربوهيدرات اللذيذة، فأعتقد بأن هذا المخبز سيكون محطتك المقبلة، خصوصاً أن مخبوزاته غربية الشكل وشرقية المذاق.






المصدر

التعليقات مغلقة.