موقع اخباري عام مستقل معتمد نقابيا

البطاطا المقلية على طريقة البحرين ونيويورك ولندن-وكالة ذي قار


كنت أنتظر الطبق المثالي لأتمكن من إعادة تقديم زميلتي في اختبارات الطهي نور مراد؛ فقد عملنا معاً لفترة من الوقت، لذا كان بإمكاني الاختيار من بين العديد من الوصفات. لكن زميلتي نور قالت إنها تود اختيار البطاطا المقلية بالفرن مع الزبادي والطحينة والمكسرات الحلوة المدخنة.

تقول نور دائماً إنها «صناعة البحرين وتدريب نيويورك»، ولحسن حظي فإن لندن هي مقرها الحالي. فكل يوم تدخل فيه نور اختبار الطهي في المطبخ، فهي تجلب معها نتاج رحلاتها. وسواء كنا نعمل على إعداد وصفة لمقال أو لكتاب طبخ، فإن المكونات والذكريات والقصص التي التقطتها في الطريق – من البحرين إلى نيويورك إلى لندن – تظل ترافقنا أيضاً.

على سبيل المثال، قمنا باختراع هذه البطاطس المقلية في لندن في شهر مايو (أيار)، وهو الشهر الذي بدأ فيه المطر وكانت تهب فيه العواصف الشديدة كل يوم تقريباً. كانت هناك عطلات بالبنوك في الأيام الممطرة ومن ثم محاولات الشباب تناول الطعام في الخارج في نزهات خارج البيت. بالنسبة لي ولنور، كان كلانا يعمل مستمداً طاقة مناخ الشرق الأوسط وسط جو بريطاني خالص.

قضينا وقتاً على الشاطئ البريطاني نتناول السمك ورقائق البطاطس من كيس ورقي اختطفته طيور النورس البحرية الشرهة فيما كنا نراقب أناساً ودودين في بلدة يستمتعون بوقتهم في السباحة في بحر الشمال. شاهدت وأكلت بسعادة، لكنني فكرت بحنين وقلت لنفسي: «هذا ليس البحر المتوسط، لا ليس هو». كانت نور تراقب وتأكل بسعادة، لكنها فكرت بشكل جدلي: «هذا السمك والبطاطا البريطانية! كل هذا الخل. إنه شيء مبالغ فيه».

دخلنا المطبخ المستوحى من خارج البلاد وبدأنا العمل. كنا نعلم أننا نحب رقائق البطاطس المقلية البريطانية. كنا نعلم أننا نحب الأكل بأيدينا. كنا نعلم أن تلك الرقائق النشوية تمنح الراحة والشبع على شاطئ البحر مثل أي شيء آخر. كنا نعلم أننا لم نرغب في السير في طريق البطاطس المغموسة في الخل، لذلك توقفنا مؤقتاً للتفكير.

تذكرت نور أيامها في نيويورك عندما كانت تخرج مع رفاقها بعد جولات طويلة إلى المطاعم. ففي أوقات متأخرة من الليل وبداية صباح اليوم التالي كانوا يتكدسون في مطاعم «إفري دي داينر» في متنزه «هايد بارك» في نيويورك لتناول الوجبات الخفيفة. لم يكونوا في حاجة لأن يحدقوا في قائمة الطعام قبل طلب ما يريدون. كانت وجبتهم في كل مرة عبارة عن بطاطا مقلية، «تلك البطاطا الشهيرة المغموسة في المرق البني وجبن الشيدر المبشور» مع اللحم المقدد الذي يكتمل به العشاء.

كانت هذه الذكريات السعيدة واللذيذة تحمل مذاق بطاطس «الديسكو»، فهذا هو المكان الذي تشكلت فيه الخلفية البحرينية لنور. فقد جرى استبدال الجبن الذائب في «الديسكو» والمرق البني بصلصة الطحينة واللبن وعصير الليمون الذي يتدفق عبر عروقها. كان هناك الفلفل الحلبي لإضافة نكهة قوية لقطع اللحم المقدد، ثم كان المذاق المقرمش من الصنوبر واللوز المحمص المغموس في زيت الزيتون الذي كثيراً ما زين الأطباق خلال فترة طفولة نور في الشرق الأوسط.

جربنا الطبق وكان هناك شيء مفقود هو الخل. كانت رقائق الشيبس في بحر الشمال لا بد أن يكتمل بها المشهد، لكننا غمسنا الأعشاب في بعض الخل بدلاً من ذلك. ورغم ذلك فقد شقت طيور النورس البحرية التي تدور حول شاطئ البحر البريطاني طريقها إلى الطعام.

جربنا الطبق مرة أخرى، وكنت سعيداً. انتقلت نور إلى شاطئ البحر الإنجليزي المرصوف بالحصى لتتناول العشاء الأميركي في وقت متأخر من الليل لتزيل الضغط عن كاهلها وسط رفاق العمل، ثم إلى سيارة والدها لتناول طعام الشارع البحريني من أكياس ورقية ملطخة بالزيت الذي ألهب ألسنتهم. إنه مذاق بلادنا، مذاق الوطن: فالأماكن الثلاثة تذكرنا بالوطن، وفي نفس الوقت بنور ذاتها.

– خدمة {نيويورك تايمز»






المصدر

التعليقات مغلقة.